بين الحاضر والمستقبل: سارة وهيا في مسارين متوازيين
المشهد الأول: سارة في المدينة الحضرية الحالية
استيقظت سارة في شقتها الصغيرة في أحد الأحياء المكتظة بمدينة كبيرة، وأول ما شعرت به كان التعب، فضوء النهار بالكاد يتسلل من خلال النوافذ الصغيرة المحاطة بالبنايات الخرسانية الضخمة، وكأنها جدران تحاصر حياتها.
عندئذٍ حملت حقيبتها واستعدت لمواجهة يوم جديد في طريق مليء بالازدحام، حيث تقضي ساعة أو أكثر بين السيارات والضوضاء حتى تصل إلى عملها.
في المساء، عادت سارة إلى منزلها متعبة ومرهقة، ثمّ فكرت في قضاء بعض الوقت في الخارج مع أطفالها، لكنها تذكرت أنّ الحديقة القريبة دائمًا مزدحمة، والمرافق هناك بسيطة وغير مريحة.
فلم تجد سوى الترفيه التجاري كبديل، لكنه مكلف ويتطلب مزيدًا من التنقل بالسيارة.
مع نهاية اليوم، شعرت سارة بأنّ يومها كان مجرد حلقة متكررة من الضغط والروتين، مع غياب أية فرصة حقيقية للاسترخاء أو التمتع بجودة حياة جيدة.
تكاليف سارة اليومية لا تقتصر على وقود السيارة والتنقل، بل تشمل أيضًا تكاليفاً صحية تراكمية بسبب نمط الحياة غير النشط، فضلاً عن تكاليف الترفيه التي تزداد باستمرار.
لقد شعرت سارة بأنّ حياتها محاطة بضغوط اقتصادية وجسدية ونفسية مستمرة.
المشهد الثاني: هيا في قرية التصميم العنقودي
على الجانب الآخر، تعيش هيا في قرية التصميم العنقودي، وهي نموذجٌ حديث على أطراف مدينة الرياض يركز على توفير بيئة معيشية متوازنة ومستدامة.
استيقظت هيا في منزل محاط بالطبيعة، حيث النسيم العليل يملأ الغرفة وأشعة الشمس الذهبية تدخل من النوافذ الكبيرة.
شعرت بطاقةٍ إيجابية، وقررت أن تبدأ يومها بالمشي في المسارات المخصصة لذلك، حيث يتواجد جيرانها، وتبادلهم التحية وسط المساحات الخضراء المحيطة.
وفرت لها القرية كل ما تحتاجه تقريباً، من مرافق صحية وتعليمية إلى سوق محلي صغير يحتوي على كافة المستلزمات.
لم تكن تحتاج لسيارة للتنقل داخل القرية، ممّا وفر عليها مصاريف الوقود والصيانة، بدلاً من صرف الوقت والمال على التنقل، استطاعت هيا أن تمارس النشاطات مع أطفالها في المساحات المخصصة للعب، حيث الأمان والراحة، كما كان بإمكانهم المشاركة في أنشطة مجتمعية تعزّز من الروابط الإجتماعية مع جيرانهم.
وفي المساء، تجتمع العائلات في الساحات العامة، يتبادلون الأحاديث ويشعرون بالانتماء الحقيقي للمجتمع.
وأخيراً، بنهاية اليوم، شعرت هيا بالرضا التام، حيث كانت حياتها مليئة بالنشاط والتواصل الاجتماعي، وكل ذلك بدون التكاليف الباهظة التي تفرضها الحياة في المدينة الحضرية.
بيئة هيا في القرية تحقق لها الاكتفاء الذاتي والاستدامة، كاستخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، وإعادة تدوير المياه لري الحدائق، ممّا يقلل من تكاليف المعيشة ويجعل نمط حياتها صديقًا للبيئة.
وهذا النمط من الحياة لم يجعلها فقط أكثر سعادة وراحة، بل أيضًا أكثر قدرة على تخفيض نفقاتها مقارنةً بالنمط الحضري التقليدي.
الخاتمة: مقارنة بين مساري الحياة
عند مقارنة حياة سارة وهيا، نجد الفارق كبيرًا بين النمطين، فحياة سارة في المدينة الحضرية مليئة بالتكاليف العالية والضغوط النفسية، حيث التنقل بالسيارة، والرعاية الصحية المتزايدة بسبب قلة النشاط، والافتقار للمساحات الاجتماعية التي يمكن أن تحسّن من جودة الحياة.
بينما حياة هيا في قرية التصميم العنقودي تقدّم نموذجًا مستدامًا يجمع بين الراحة، التكلفة الاقتصادية المنخفضة، والتواصل الاجتماعي القوي.
تعيش سارة في دائرة من الروتين المرهق، حيث التكاليف تتزايد وجودة الحياة تتناقص، في حين أنّ هيا تعيش في بيئة تعزز الاستدامة وتدعم رفاهيتها بأسلوب شامل، ما يجعلها تشعر بأنّ حياتها أكثر توازنًا وإشباعًا.
دعوة للتفكير:
تُظهر لنا هاتان القصتان أنّ القرار بين الاستمرار في النمط الحضري التقليدي أو الانتقال إلى نمط حياة أكثر استدامة وتأمينًا لجودة حياة عالية هو قرار يجب أن نتأمل فيه جميعًا.
فالقرية العنقودية تقدّم لنا مستقبلاً يمكننا فيه العيش براحة ورفاهية، بتكاليف أقل ونتائج صحية واجتماعية أفضل.
جدول المحتويات
اكتشف متاع الآن واستمتع بالرفاهية والفخامة
اقرأ أيضاً : العيش المستدام: توازن الرزق والروحانية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة
ما هو رأيك في قصة سارة وهيا في مسارين متوازيين بين الحاضر والمستقبل وأي نمط حياة تفضل؟